عملاء الموساد الإسرائيلي وراء عملية اغتيال ابو اياد وابو الهول بقلم : د.سمير محمود قديح
في ذكرى الاغتيال
معلومات جديدة تنشر لأول مرة
عملاء الموساد الإسرائيلي وراء عملية اغتيال القادة الثلاثة
( الشهيد القائد صلاح خلف " أبو اياد " ، الشهيد هايل عبد الحميد " أبو الهول " والشهيد فخري العمري " أبو محمد " )
بقلم / دكتور سمير محمود قديح
الباحث في الشئون الأمنية والاستراتيجية
ليس غريباً أن يفقد الكثير من الزعماء والقادة والشخصيات السياسية البارزة حياتهم نتيجة إيمانهم بأفكارهم ومواقفهم الخاصة والثابتة .. وكثيراً ما تنتهي حياة هذه الشخصيات لنمو نفوذها وقوة سلطانها وتعالي مناصبها وتبنيها لمواقف واضحة ومعلنة أمام الجميع ..!
فقد كان مصير كل قائد فلسطيني يصل إلى قمة الشهرة والمجد … بعد كفاح طويل وسجل حافل بالبطولة والتضحية أن تكون نهايته على يد العملاء والخونة أعضاء جهاز المخابرات الإسرائيلية " الموساد " . فهذا الجهاز الإسرائيلي الخطير كانت له اليد الطولى في نيل الكثير من رجال وزعماء منظمة التحرير عندما ضيق عليهم الخناق … وطاردهم في شتى أنحاء الأرض … واخذ في تصفيتهم جسديا الواحد تلو الأخر … ولكنهم في النهاية قدموا حياتهم فداء وتضحية لوطنهم . وكما نقول دائماً بأن الموت لا يعترف بالقوي والضعيف والكبير والصغير والشهير والمغمور ، ولا يقف أمام التاريخ المشرف لهذه الشخصيات ولا يرتبط بمكان وزمان معين ولكنه حقيقة ثابتة لا تثير أي جدل خاصة لو كان الموت طبيعياً .. أما لو كان قتلاً أو اغتيالاً فهو يثير الريبة والشك في أهدافه ودوافعه . وشخصيتنا هنا كانت مستهدفة بمفردها ولكن من قام باغتيالها استهدف حياة شخصيتين معها ..! وبموت تلك الشخصيات فقدت منظمة التحرير الفلسطينية ثلاثة من أمهر قادتها وحراس أمنها الذين كانوا يتمتعون بالقوة والنفوذ وتحمل المسئولية .. وكان لهم سجلاً حافلاً بالنضال والكفاح ضد اليهود على مدار سنوات طويلة . ولكن .. من هؤلاء الشــهداء الثــلاثــة ..؟ * أولهم هو القائد الفلسطيني " صلاح خلف " الملقب بـ " أبو اياد " والذي يعد من اشهر القادة الفلسطينيين .. وكان يتمتع بمواهب ومميزات كثيرة ساعدته على أن يصبح شخصية قيادية لها مركزها ونفوذها ووضعها المرموق داخل منظمة التحرير الفلسطينية .. ومكانتها المحترمة بين الأوساط العربية المختلفة . وكانت له قدرات خاصة .. ويتمتع بالذكاء الفطري والقدرة على إصدار القرارات إلى جانب استطاعته إرضاء كل الأطراف المتنازعة اكثر من أي شخص آخر .. وكان موضع ثقة الجميع من الذين يراهنون دائماً عليه وعلى نجاحه المستمر ..! وقد عرف عنه تصريحاته الكثيرة ولكنه في كل مرة يصرح فيها كان يضيف الجديد من الآراء والمواقف التي تخص الأمة العربية جميعها .. ولذلك فقد قال المقربون من صلاح خلف : انه صاحب شخصية مركزية تجاوزت الحدود الفلسطينية ..! هذا القائد المعلم من مواليد يافا عام 1933، اضطر إلى النزوح إلى غزة عام 1948حيث اكمل دراسته الثانوية ، ثم التحق عام 1952بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر وحصل على دبلوم تربية وعلم نفس من جامعة عين شمس ، هذا القائد الذي يمتاز بتاريخه النضالي مع الرئيس ياسر عرفات ، لعب دورا رئيسيا داخل حركة فتح وحركة المقاومة الفلسطينية ، وكثيرا ما يوصف بأنه الرجل الثاني بعد الرئيس ياسر عرفات . ومن المعروف انه في بداية حدوث الأزمة العراقية الكويتية قال صلاح خلف في تصريحاته انه دائماً يقف مع الأحداث التي تؤدي في النهاية لتحرير فلسطين المحتلة وتخدم كل مصالح الشعب الفلسطيني الذي يعيش في أرضه المحتلة أو يعيش متفرقاً بين الشعوب العربية المجاورة .. ولكنه لا يؤيد الأحداث الخاصة التي تؤثر على الأسرة العربية الموحدة وتحطم تضامنهم وتزعزع الثقة في أنفسهم . وقد استنكر تماماً ما قام به الرئيس العراقي صدام حسين مع الدول العربية المجاورة وأعلن على الملأ موقفه من تلك القضية .. وقال بكل صراحة : لن نكون يوماً رهن إشارة من الرئيس العراقي صدام حسين ..! * وثانيهم .. هو القائد " هايل عبد الحميد " الملقب بـ " أبو الهول " والذي كان من قادة أمن منظمة التحرير الفلسطينية الكبار .. وكان يتمتع بشخصية متزنة في مواقفها وآرائها خاصة فيما يتعلق بكل القضايا والمشاكل والهموم الفلسطينية والعربية وكان ملماً بكل التفاصيل السياسية العربية والعالمية والتي كان يتقن الحديث فيها بكل لباقة وطلاقة وعلم وذكاء .. ورغم انه لم يكن يتحدث كثيراً إلا أن كلماته القليلة في أي موضوع كانت معبرة ومقنعة ويسهل نفاذها لعقول وقلوب من يسمعه ولذلك كان يتمتع بعلاقاته الجيدة مع كل الجهات المحيطة به . وكان أبو الهول دائماً يعمل من اجل حفظ الأمن العام العربي الفلسطيني ولم يكن على خلاف مع أحد سوى زعيم منظمة المجلس الثوري الفلسطيني " صبري البنا " .. ولكن هذا الخلاف لم يكن يؤثر على قيام أبو الهول بالمهام الموكلة إليه . * وثالثهم .. هو " فخري العمري " الذي يعتبر الساعد الأيمن لصلاح خلف ورجل خدماته .. وكاتم أسراره .. وذاكرته الهامة في كل مواعيده التي يرتبط بها .. وكان يتبع الشهيد صلاح خلف كظله .. وكأنه حارسه الخاص ومرافقه الدائم في العمل والبيت والسفر والموت أيضا ..! ولم يكن فخري العمري مستهدفا في الاغتيال مثل قائده صلاح خلف .. ورغم أن الشهداء الثلاثة قد سهروا على رعاية وطنهم وخدموا قضيتهم بكل الطرق حتى اصبحوا من اشهر الشخصيات الأمنية البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية .. إلا انهم في النهاية قد تم اغتيالهم بيد عربية على ارض عربية .. فقد كانت تلك اليد العربية هي يد فلسطينية .. وتلك الأرض العربية هي الأرض التونسية ولم تخسر إسرائيل عدوتهم الأولى والأخيرة والتي كانت تتمنى قتلهم مهما كلفها الأمر ، ثمن رصاصة واحدة..! كيف تمت عملية الاغتيال..؟ في أحد أيام شهر يناير عام 1991 اتصل صلاح خلف بصديقه هايل عبد الحميد في تمام الساعة الثانية عشر ليلاً يخبر