قرأت ما كتب هنا عن الخلاف بين الرئاسة و الحكومة المنتخبة , و أنا لا أريد الخوض في هذا المستنقع و هذا لا يعني انني بلا موقف أو انتماء في هذه المسألة , و لكن لأنه لا طائل من وراء النقاش والمعارك الكلامية على الشاشات بينما توجد طرق اخرى يسلكها صاحب المبدأ و الموقف ليترجم قناعته و لكنني أكتب الآن لأنبه الجميع لنقطة قد تغيب عن البعض .
علينا بالحذر ثم الحذر من أذناب الإستدمار ( نعم بالدال و ليس بالعين لأنهم يدمرون البلاد و لا يعمرونها ) هؤلاء الأذناب من أبناء جلدتنا من الأقلام و الأبواق المأجورة في الإعلام المقروء و المرئي و في المناصب السياسية , هؤلاء المنافقون و الإنهزاميون الإنبطاحيون الذين يثبطون الهمم , ويبثون سموم اليأس في الأمة بالتهويل من قوة و جبروت الاعداء و التهوين من قدراتنا تارةً , و التهويل من شأن أي خلاف بيننا ليوحوا بأنه انقسام الأمة النهائي و نهايتها و يهونون من خلافات الأعداء تارةً أخرى , ليظهروها على أنها مجرد تنوع و تكامل في الافكار و جزء من لعبة الديمقراطية .
هؤلاء الذين لا يؤلون جهدًا ليزيدونا خبالًا و المشكلة أننا الآن فينا سماعون لهم , هؤلاء يا سادة ليسوا بدعة جديدة ولا هم اختراع جديد بل هم موجودون من قديم , كانوا موجودين في عهد الرسول ( ص ) و الله سبحانه أشار إليهم بوضوح , وحذر رسوله منهم في آيات كاملة نزلت خصيصًا بهم , ولا زالوا عبر القرون في سعيهم , و لكن فجر الإسلام انبثق رغمًا عنهم و أضاء الآفاق و ارتفعت به أعظم دولة و أعظم أمة في العالم , ثم مرت بما تمر به الدول , و أصابها ما يصيب الأمم من ارتفاع و انحدار , و هم لازالوا على ديدنهم يوسوسون ساعة الانحدار و يخنسون ساعة الارتفاع .
وأمتنا الآن في حالة الانحدار و هو وقت وسوستهم الآن و مهمتنا أن نخرسهم و نجعلهم يخنسون لا أن نردد وساوسهم و نتداولها .
فمن وجد في نفسه منكم أثرًا من كلامهم أو ركونًا لأفكارهم فليذكر أسلافهم في عهد الرسول ( ص ) و كم اجتهدوا في تيئيس الناس ليتخلوا عن مشروعهم الكبير , و لكن الله سبحانه أفشلهم و أخزاهم و أتم دينه و نعمته .
.و من شعر بيأس من الانقسام بين القيادات فليذكرأصحاب رسول الله ( ص ) و هم من هم (وماذا يكون قادة حماس أو فتح مقارنةً بهم) و رغم ذلك و رغم أنهم أفضل قرن مثلما أخبرنا الرسول ( ص ) اختلفوا في الرأي و رفعوا السلاح ضد بعضهم البعض و قتلوا من بعضهم الآلاف و لكن بعد ذلك بنوا اكبر دولة و فتحوا العالم .
فحذار ثم حذار و إياكم ثم إياكم أن يشعر أحدكم بعار مما حدث , أو يطأطئ رأسه , أو يترك الفرصة لسفيه ما أن يعيره ببلده و ما يحصل فيها و ليذكر هذا السفيه بأن هذا هو سبيل بناء الأمم والدول , و إن قال لكم أحد أن الفئة الفلانية قتلت من الفئة الفلانية كذا , فليذكره أنه في معركة الجمل و التي كان قادتها من كبار الصحابة في الجانبين المتحاربين قتل فيها سبعون ألفًا في يوم واحد و نحن خلافنا لم يقتل فيه سبعون شخصًا في شهر كامل .
هذا لا يعني أنني أستخف بما حدث أو أستخف بدماء من قتل , أو أتطاول على الصحابة , ( معاذ الله ) و لكنني اضع الأمور في نصابها , فإذا كان هؤلاء القادة من كبار الصحابة و الذين هم من خيار الناس و صاحبوا الرسول (ص)وغبار نعالهم في الجهاد مع رسول الله (ص) أفضل عند الله منا لم ينجوا من الفتنة , فكيف نريد من القادة العاديين أن يكونوا معصومين ؟! وهم لم يصاحبوا الرسول (ص) و لم يروه فلذلك تذكروا أن ما حدث ليس نهاية المطاف , و لا هو بمدعاة عار أو خزي , هو شيء محزن و مؤسف لا جدال في ذلك و نرجو زواله و واجبنا العمل على ذلك , و لكن بدون ان ننجر للفخ و نصغي لوساوس المنافقين الذين يريدون قتل الأمل فينا و زراعة اليأس و الفرقة .
و هناك فخ آخر يجب الحذر منه و هو أن على الجميع أن يتعامل مع هذا الخلاف على قناعة راسخة بأنه خلاف على برنامج سياسي , و خلاف على تقرير و اتباع نهج مصيري للأمة له ما بعده , و ليس مجرد صراع على سلطة عرجاء أو دولة وهمية او كرسي مائل مثلما يحاول المرجفون الإيحاء به لنا في وسائل الإعلام , و يتساءلون في براءة الذئب : أين الدولة التي يتصارع الفلسطينيون عليها و أين السيادة أو الكرسي الذي يتقاتلون عليه ؟ و نحن نرد عليهم ونقول لهم : يا نعال أحذية الأعداء , نحن نعرف أنه ليس هناك دولة ولا سيادة , و لكن نعرف أيضًا أن الصراع ليس صراعًا على سلطة أو كرسي , بل هو صراع إرادات و صراعٌ بين برنامج سياسي وطني مستقل , و برنامج عميل انبطاحي يراهن و يتوكأ على الجهات الخارجية .
اصحوا للون يا شباب اصحوا .
تحياتي للجميع .